اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 83
ولا مماطلة راضيا مما قضى عليه صابرا على عموم البلوى المقربة اليه فَيُضاعِفَهُ لَهُ بعد ما فنى عن هويته أَضْعافاً كَثِيرَةً لا يحيط بكنهها الا هو إذ المحدث متى قرن بالقديم قد ترتب عليه ما ترتب عليه بل قد سقطت الاثنينية بالكلية عن البين مطلقا وارتفع غبار الغيرية عن العين بالمرة وَاللَّهُ الواحد الأحد الفرد الصمد يَقْبِضُ الى ذاته ما ينشر وَيَبْصُطُ من اظلال أسمائه وصفاته وآثار تجلياته الذاتية وَإِلَيْهِ لا الى غيره تُرْجَعُونَ ايها الاظلال والآثار طوعا وكرها
أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ الذين كانوا معرضين عن القتال في حيوة موسى صلوات الله عليه كيف اضطروا اليه مِنْ بَعْدِ وفاة مُوسى اذكر إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ هو يوشع او شمعون او اشمويل حين ظهرت العمالقة عليهم وخربوا ديارهم ونهبوا أموالهم وأسروا أولادهم ابْعَثْ لَنا مَلِكاً معينا نُقاتِلْ معه فِي سَبِيلِ اللَّهِ مع أعدائه قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ يعنى أتفرس منكم الجبن والتقاعد إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ من عنده سبحانه وأخاف منكم أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا في جوابه حين سمعوا منه ما سمعوا وَما لَنا اى اى شيء عرض لنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مع أعدائنا وَالحال انا قَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا ظلما وعدوانا وَحرمنا عن أَبْنائِنا وأهلينا بسبب ترك القتال ولو لم نجاهد ولم نقاتل بعد لكنا مستأصلين بالمرة فَلَمَّا كُتِبَ وفرض عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا اى انصرفوا واعرضوا عنه مدبرين بعد ما بالغوا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ مقدار ثلاثمائة وثلثة عشر بعدد اهل بدر ثبتوا على ما عاهدوا وَبالجملة اللَّهِ مطلع بما في ضمائر عباده عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ المجاوزين عن أوامره
وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ بالهام الله ووحيه إياه إِنَّ اللَّهَ المدبر لمصالحكم قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ من المرتجلات العجمية وجالوت ايضا وهما كنايتان عن جنود الامارة والمطمئنة مَلِكاً يولى أموركم ويقاتل مع عدوكم وهو كناية عن العقل المفاض لهم من قبل ربهم قالُوا مستكبرين مستنكفين أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا اى من اين يتيسر له ويليق به ان يملك علينا وهو من اراذل الناس وسفلتهم كيف يستأهل هذا المنصب وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ مكنة ومكانة وَالحال انه لَمْ يُؤْتَ له سَعَةً مِنَ الْمالِ حتى يتقوى به ويتمكن على الولاية بسببه وانما استحقروه واستبعدوا منه الولاية لأنه كان فقيرا راعيا او سقاء او دباغا وكان من أولاد بنيامين ولم يكن في أولاده النبوة والملك أصلا وانما كانت النبوة والولاية في أولاد لاوى والملك في أولاد يهوذى وكان فيهم من اسباطهما جمع كثير قالَ لهم نبيهم بمقتضى الوحى الإلهي إِنَّ اللَّهَ المعز لا ذلة عباده قد اصْطَفاهُ واختاره للملك والامارة عَلَيْكُمْ مع فقره وسقوط نسبه وَزادَهُ سبحانه بعد ما اصطفاه بَسْطَةً حيطة في القدرة والقوة ورزانة فِي الْعِلْمِ المتعلق لتدبير المملكة وَقوة عظيمة في الْجِسْمِ ليقاوم العدو ويدافعه وَبالجملة اللَّهَ المدبر لمصالح عباده يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ من عباده على مقتضى علمه باستعداداتهم وحكمته من غير التفات الى فقرهم ورثاثة حالهم وسقوط نسبهم وَاللَّهُ المتصف بكمال العلم والحكمة واسِعٌ في فضله ورحمته عَلِيمٌ في عدله وحكمته يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد بلا سبق علل وأغراض
وَبعد ما ايسوا من تغيير قضاء الله وتبديل رضاه أتوا يطلبون الدليل والامارة على ملكه وإمارته قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ بوحي الله والهامه إياه إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ الذي فِيهِ سَكِينَةٌ الا وهي كناية عن النفس المطمئنة اى فيه ما يوجب سكينتكم وطمأنينكم
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 83